سبب نزول آية التبليغ: {بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ}

قوله تعالى: {بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ}. هذه الآية السابعة والستون من سورة المائدة وهي (مِنْ آخِرِ مَا نَزَلَ مِنَ الْقُرْآنِ) [1] وقيل: (أنَّ هَذِهِ الآيَةَ مِمّا تَكَرَّرَ نُزُولُهُ)[2].  

سبب نزول الآية

نزلت هذه الآية في أمير المؤمنين عليه السلام كما ذكر ذلك جمع من المفسرين والعلماء، منهم: (إبن أبي حاتم، والثعلبي، والواحدي، وابن عساكر، وفخر الدين الرازي، والقمي النيسابوري، والسيوطي، والشوكاني وغيرهم) 1- روى ابن أبي حاتم (توفي سنة 327 هـ): (حَدَّثَنا أبِي، ثَنا عُثْمانُ بْنُ خُرَّزاذَ، ثَنا إسْماعِيلُ بْنُ زَكَرِيّا، ثَنا عَلِيُّ بْنُ عابِسٍ، عَنِ الأعْمَشِ ابْنِي الحِجابِ، عَنْ عَطِيَّةَ العَوْفِيِّ، عَنْ أبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ، قالَ: نَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ {يا أيُّها الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إلَيْكَ مِن رَبِّكَ} في عَلِيِّ بْنِ أبِي طالِبٍ). تفسير إبن أبي حاتم: المائدة: 67. وهذا التفسير قد عده إبن تيمية خالٍ من الموضوعات [3]. 2-  قال الثعلبي (427 هـ): (وقال أبو جعفر محمد بن علي: معناه: {بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ} في فضل علي بن أبي طالب، فلما نزلت الآية أخذ (عليه السلام) بيد علي، فقال: «من كنت مولاه فعلي مولاه». روى أبو محمد عبد الله بن محمد القائنيّ نا أبو الحسن محمد بن عثمان النصيبي نا: أبو بكر محمد ابن الحسن السبيعي نا علي بن محمد الدّهان، والحسين بن إبراهيم الجصاص قالا نا الحسن بن الحكم نا الحسن بن الحسين بن حيان عن الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس في قوله: {يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ} قال: نزلت في علي (رضي الله عنه) أمر النبي ﷺ‎ أن يبلغ فيه فأخذ (عليه السلام) بيد علي، وقال: «من كنت مولاه فعلي مولاه اللهم وال من والاه وعاد من عاداه» ). تفسير الثعلبي: المائدة: 67. 3-  روى الواحدي (468 هـ): (أخبرنا أبو سعيد محمد بن علي الصفار قال: أخبرنا الحسن بن أحمد المخلدي قال: أخبرنا محمد بن حمدون بن خالد قال: حدثنا محمد بن إبراهيم الخلوتي قال: حدثنا الحسن ابن حماد سجادة قال: حدثنا علي بن عابس، عن الأعمش وأبي حجاب، عن عطية، عن أبي سعيد الخدري قال: نزلت هذه الآية: {يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك} يوم غدير خم في علي بن أبي طالب رضي الله عنه). أسباب النزول: المائدة: 67. 4- روى ابن عساكر (571 ه‍): أخبرنا أبو بكر وجيه بن طاهر أنا أبو حامد الأزهري أنا أبو محمد المخلدي أنا أبو بكر محمد بن حمدون نا محمد بن إبراهيم الحلواني نا الحسن بن حماد سجادة نا علي بن عابس عن الأعمش وأبي الجحاف عن عطية عن أبي سعيد الخدري قال نزلت هذه الآية: {يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك} على رسول الله ﷺ يوم غدير خم في علي بن أبي طالب. تاريخ مدينة دمشق: ج 42 ، ص 237. 5- قال فخر الدين الرازي (606 هـ): (نَزَلَتِ الآيَةُ في فَضْلِ عَلِيِّ بْنِ أبِي طالِبٍ عَلَيْهِ السَّلامُ، ولَمّا نَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ أخَذَ بِيَدِهِ، وقالَ: «مَن كُنْتُ مَوْلاهُ فَعَلِيٌّ مَوْلاهُ، اللَّهُمَّ والِ مَن والاهُ، وعادِ مَن عاداهُ»  فَلَقِيَهُ عُمَرُ رض فَقالَ: هَنِيئًا لَكَ يا ابْنَ أبِي طالِبٍ أصْبَحْتَ مَوْلايَ ومَوْلى كُلِّ مُؤْمِنٍ ومُؤْمِنَةٍ، وهو قَوْلُ ابْنِ عَبّاسٍ، والبَراءِ بْنِ عازِبٍ، ومُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ). تفسير الرازي: المائدة: 67. 6- قال القمي النيسابوري (ت 728 هـ): (عن أبي سعيد الخدري: إنّ هذه الآية نزلت في فضل علي بن أبي طالب رضي الله عنه وكرم الله وجه يوم غدير خم، فأخذ رسول الله ﷺ بيده وقال: من كنت مولاه فهذا عليّ مولاه. اللهم وال من والاه وعاد من عاداه. فلقيه عمر وقال: هنيئاً لك يا ابن أبي طالب أصبحت مولاي ومولى كل مؤمن ومؤمنة “. وهو قول ابن عباس والبراء بن عازب ومحمد بن علي). تفسير النيسابوري: المائدة: 67. 7- قال السيوطي (911 هـ):  (وأخْرَجَ ابْنُ أبِي حاتِمٍ، وابْنُ مَرْدُوَيْهِ، وابْنُ عَساكِرَ، عَنْ أبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ قالَ: نَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ: {يا أيُّها الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إلَيْكَ مِن رَبِّكَ} عَلى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ يَوْمَ غَدِيرِ خُمٍّ في عَلِيِّ بْنِ أبِي طالِبٍ. وأخْرَجَ ابْنُ مَرْدُوَيْهِ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ قالَ: كُنّا نَقْرَأُ عَلى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ: {يا أيُّها الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إلَيْكَ مِن رَبِّكَ} أنَّ عَلِيًّا مَوْلى المُؤْمِنِينَ، {وإنْ لَمْ تَفْعَلْ فَما بَلَّغْتَ رِسالَتَهُ واللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النّاسِ}. الدر المنثور:  المائدة: 67. 8- قال الشوكاني (1250 هـ): وأخْرَجَ ابْنُ أبِي حاتِمٍ، وابْنُ مَرْدَوَيْهِ، وابْنُ عَساكِرَ، عَنْ أبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ قالَ: نَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ: {ياأيُّها الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إلَيْكَ} عَلى رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وسَلَّمَ يَوْمَ غَدِيرِ خُمٍّ في عَلِيِّ بْنِ أبِي طالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ. وأخْرَجَ ابْنُ مَرْدَوَيْهِ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ قالَ: كُنّا نَقْرَأُ عَلى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وسَلَّمَ {يا أيُّها الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إلَيْكَ مِن رَبِّكَ} إنَّ عَلِيًّا مَوْلى المُؤْمِنِينَ {وإنْ لَمْ تَفْعَلْ فَما بَلَّغْتَ رِسالَتَهُ واللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النّاسِ}. فتح القدير: المائدة: 67. 9- قال القنوجي (1307 هـ): عن أبي سعيد الخدري قال: نزلت هذه الآية يوم غدير خُمّ في علي بن أبي طالب. وعن ابن مسعود قال: كُنّا نَقْرَأُ عَلى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وسَلَّمَ {يا أيُّها الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إلَيْكَ مِن رَبِّكَ} إنَّ عَلِيًّا مَوْلى المُؤْمِنِينَ {وإنْ لَمْ تَفْعَلْ فَما بَلَّغْتَ رِسالَتَهُ}. فتح البيان: المائدة: 67.  

رواة هذا الحديث

ورواة هذا الحديث: (الإمام محمد الباقر عليه السلام، وأبي سعيد الخدري، وإبن عباس، وإبن مسعود. والبراء بن عازب، وغيرهم).  

توضيح قوله تعالى: ﴿بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ﴾

رُوي عن إبن عباس، عن النبي صلى الله عليه وآله: «لَمّا بَعَثَنِي اللَّهُ بِرِسالَتِهِ ضِقْتُ بِها ذَرْعًا وعَرَفْتُ أنَّ مِنَ النّاسِ مَن يُكَذِّبُنِي فَأنْزَلَ اللَّهُ هَذِهِ الآيَةَ» [4]. قال البغوي (516 هـ): {بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ} أَيْ: أَظْهِرْ تَبْلِيغَهُ، كَقَوْلِهِ: {فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ} [5]. {وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ}: فَإِنْ لَمْ تُظْهِرْ تَبْلِيغَهُ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ، أَمَرَهُ بِتَبْلِيغِ مَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مُجَاهِرًا مُحْتَسِبًا صَابِرًا، غَيْرَ خَائِفٍ، فَإِنْ أَخْفَيْتَ مِنْهُ شَيْئًا لِخَوْفٍ يَلْحَقُكَ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ. تفسير البغوي: المائدة: آية 67. قال الزمخشري (538 هـ): أي شيء أنزل إليك غير مراقب في تبليغه أحداً، ولا خائف أن ينالك مكروه. الكشاف للزمخشري: المائدة: آية 67. قال ابن جُزَيّ (741 هـ): {وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ} هذا وعيد على تقدير عدم التبليغ، وفي ارتباط هذا الشرط مع جوابه قولان: أحدهما أن المعنى إن تركت منه شيئاً، فكأنك لم تبلغ شيئاً، وصار ما بلغت لا يعتد به، فمعنى إن لم تفعل: إن لم تستوف التبليغ على الكمال، والآخر أن المعنى إن لم تبلغ الرسالة وجب عليك عقاب من كتمها. تفسير ابن جزي: المائدة: آية 67. قال الشوكاني (1250 هـ): وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ في قَوْلِهِ: {وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ} يَعْنِي إنْ كَتَمْتَ آيَةً مِمّا أُنْزِلَ إلَيْكَ لَمْ تُبَلِّغْ رِسالَتَهُ. فتح القدير: المائدة: 67. قال الآلوسي (1270 هـ): في قوله {بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ}: أيْ بَلِّغْهُ غَيْرَ مُراقَبٍ في ذَلِكَ أحَدًا، ولا خائِفٍ أنْ يَنالَكَ مَكْرُوهٌ أبَدًا). تفسير الآلوسي: المائدة: آية 67. قال القنوجي (1307 هـ): والمُرادُ بِالعِصْمَةِ مِنَ النّاسِ حِفْظُ رُوحِهِ (عَلَيْهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ) مِنَ القَتْلِ والهَلاكِ. {وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ} ما أمرت به من تبليغ الجميع بل كتمت ولو بعضاً من ذلك خوفاً من أن تنال بمكروه. فتح البيان للقنوجي: المائدة: آية 67. قال السعدي (1367 هـ): {وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ} هذه حماية وعصمة من الله لرسوله من الناس، وأنه ينبغي أن يكون حرصك على التعليم والتبليغ، ولا يثنيك عنه خوف من المخلوقين فإن نواصيهـم بيد الله وقد تكفل بعصمتك، فأنت إنما عليك البلاغ المبين، فمن اهتدى فلنفسه، وأما الكافرون الذين لا قصد لهم إلا اتباع أهوائهم فإن الله لا يهديهم ولا يوفقهم للخير، بسبب كفرهم. تفسير السعدي: المائدة: آية 67. قال ابن عثيمين (1421 هـ): {وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ} يعني: إن كنتَ قد تُخفي شيئًا خوفًا من الناس فلا تَخَفْ؛ فإن الله يعصمك من الناس؛ أي: يمنعك من الناس أن يضرُّوك بشيء. تفسير ابن عثيمين: المائدة: آية 67. إذن هناك شيء كان يخاف منه النبي صلى الله عليه وآله، طبعاً لا يخاف على نفسه بل على أمته وعلى رسالته ويخاف من عدم قبول ما يريد تبليغه فيترتب على التبليغ شيء يُخرب ما بناه صلى الله عليه وآله فلذا يخاف تبليغه.  

أحاديث أهل البيت عليهم السلام في سبب نزول هذه الآية

عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ الْبَاقِرِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ : ،قَالَ: «خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وآله ذَاتَ يَوْمٍ وَهُوَ رَاكِبٌ، وَخَرَجَ عَلِيٌّ عليه السلام وَهُوَ يَمْشِي، فَقَالَ: يَا أَبَا الْحَسَنِ.. لَقَدْ أَمَرَنِي رَبِّي تَبَارَكَ وَتَعَالَى أَنْ أَفْتَرِضَ مِنْ حَقِّكَ مَا أَفْتَرِضُهُ مِنْ حَقِّي، وَإِنَّ حَقَّكَ لَمَفْرُوضٌ عَلَى مَنْ آمَنَ بِي، وَلَوْلاَكَ لَمْ يُعْرَفْ حِزْبُ اللَّهِ، وَبِكَ يُعْرَفُ عَدُوُّ اللَّهِ، وَمَنْ لَمْ يَلْقَهُ بِوَلاَيَتِكَ لَمْ يَلْقَهُ بِشَيْءٍ، وَلَقَدْ أَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ إِلَيَّ: {يٰا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مٰا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ} يَعْنِي فِي وَلاَيَتِكَ يَا عَلِيُّ {وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمٰا بَلَّغْتَ رِسٰالَتَهُ} وَلَوْ لَمْ أُبَلِّغْ مَا أُمِرْتُ بِهِ مِنْ وَلاَيَتِكَ لَحَبِطَ عَمَلِي، وَمَنْ لَقِيَ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ بِغَيْرِ وَلاَيَتِكَ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ، وَعْدٌ يُنْجِزُ لِي. وَمَا أَقُولُ إِلاَّ قَوْلَ رَبِّي تَبَارَكَ وَتَعَالَى، وَإِنَّ الَّذِي أَقُولُ لَمِنَ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ،أَنْزَلَهُ فِيكَ» [6]. عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَجَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ،قَالاَ: « أَمَرَ اللَّهُ تَعَالَى نَبِيَّهُ مُحَمَّداً صلى الله عليه وآله أَنْ يَنْصِبَ عَلِيّاً عليه السلام عَلَماً لِلنَّاسِ لِيُخْبِرَهُمْ بِوَلاَيَتِهِ، فَتَخَوَّفَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وآله أَنْ يَقُولُوا حَابَى ابْنَ عَمِّهِ، وَأَنْ يَطْعَنُوا فِي ذَلِكَ عَلَيْهِ، فَأَوْحَى اللَّهُ إِلَيْهِ: {يٰا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مٰا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمٰا بَلَّغْتَ رِسٰالَتَهُ وَاللّٰهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النّٰاسِ}، فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وآلهبِوَلاَيَتِهِ يَوْمَ غَدِيرِ خُمٍّ» [7]. عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ عليه السلام،قَالَ: «لَمَّا أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى نَبِيِّهِ {يٰا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مٰا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمٰا بَلَّغْتَ رِسٰالَتَهُ وَاللّٰهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النّٰاسِ إِنَّ اللّٰهَ لاٰ يَهْدِي الْقَوْمَ الْكٰافِرِينَ} أَخَذَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وآله بِيَدِ عَلِيٍّ عليه السلام فَقَالَ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ، إِنَّهُ لَمْ يَكُنْ نَبِيٌّ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ مِمَّنْ كَانَ قَبْلِي، إِلاَّ وَقَدْ عُمِّرَ، ثُمَّ دَعَاهُ [اللَّهُ] فَأَجَابَهُ، وَأَوْشَكَ أَنْ أُدْعَى فَأُجِيبَ، وَأَنَا مَسْئُولٌ وَأَنْتُمْ مَسْئُولُونَ، فَمَا أَنْتُمْ قَائِلُونَ؟ قَالُوا: نَشْهَدُ أَنَّكَ قَدْ بَلَّغْتَ، وَنَصَحْتَ، وَأَدَّيْتَ مَا عَلَيْكَ، فَجَزَاكَ اللَّهُ أَفْضَلَ مَا جَزَى الْمُرْسَلِينَ. فَقَالَ: اَللَّهُمَّ اشْهَدْ. ثُمَّ قَالَ: يَا مَعْشَرَ الْمُسْلِمِينَ، لِيُبَلِّغِ الشَّاهِدُ الْغَائِبَ، أُوصِي مَنْ آمَنَ بِي وَصَدَّقَنِي بِوَلاَيَةِ عَلِيٍّ، أَلاَ إِنَّ وَلاَيَةَ عَلِيٍّ وَلاَيَتِي وَوَلاَيَتِي وَلاَيَةُ رَبِّي، عَهْداً عَهِدَهُ إِلَيَّ رَبِّي، وَأَمَرَنِي أَنْ أُبَلِّغَكُمُوهُ. ثُمَّ قَالَ: هَلْ سَمِعْتُمْ؟ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ يَقُولُهَا، فَقَالَ قَائِلٌ: قَدْ سَمِعْنَا، يَا رَسُولَ اللَّهِ» [8].

فقد اتضح بأنّ الآية نزلت في ولاية أمير المؤمنين عليه السلام فلا يحتاج مزيد بيان.

منقول من كتاب البراهين الساطعة في إمامة العترة الطاهرة عليهم السلام، للشيخ حيدر الموله

[1] يُراجع تفسير سورة المائدة: آية 67، في التفاسير الآتية: تفسير البغوي. والتحرير والتنوير لابن عاشور. [2] يُراجع روح المعاني للآلوسي: المائدة: 67. [3] انظر منهاج السنة (طبعة جامعة محمد بن سعود): ج 7، ص 13. [4] يُراجع تفسير سورة المائدة: آية 67، في التفاسير الآتية: البحر المحيط لأبي حيان، وتفسير أبي السعود، والكشاف للزمخشري، والدر المنثور للسيوطي، وغيرها. [5] سورة الْحِجْرِ: آية ٩٤. [6] أمالي الصدوق: ص583 – 584، ح 803. [7] تفسير البرهان: ج 2، ص 496 – 497. [8] تفسير البرهان: ج 2، ص 499.