برهان اللطف على الإمامة

الإمامة لطف

الْلُّطْف: وهو ما يَقْرُبُ معه المكلف من فعل الطَّاعة وَيُبْعَدُ عن المعصية، ولم يكن له حَظٌّ في التَّمْكِّين لِيُخْرَّجَ عنه القدرة والآلات؛ لِأنَّه لها حَظٌّ في التَّمْكِّين، وبدونها لا يقع الفعل، وليست لُطفاً. ولم يَبْلُغْ حَدَّ الْإِلْجَاءِ، لِأَنَّ الْإِلْجَاءَ يُنَافِي التَّكليف، بِخِلَافِ الْلُّطْف.
وهو واجب لِتَوَقُّفِ غرض المكلف عليه، وإِلَّا لو لم يكن واجِباً لكان نَقْضَاً لغرضِهِ تعالى في الْتَّكليف والتَّالي باطل، فَالْمُقَدَّم مِثْلُهُ.
بيان الشَّرطية: لِأَنَّهُ تعالى أراد الطَّاعَة من العبد، فإِذا عَلِمَ أَنَّهُ لا يَختَارها، أَو لا يكون أقرب إليها، إِلَّا عند فعل الْلُّطْف، فلو لم يفعله تعالى كان نَاقِضَاً لغرضِهِ وكُلُّ من كان كذلك فهو ناقِضٌ، وهو نقصٌ، وهو قبيحٌ عقلاً، تعالى الله عنه.
والْلُّطْف؛ إِن كان من فعل الله تعالى وجب فعله عليه.
وإنْ كان من فعل المُكَلَف وجب عليه تعالى أنْ يُعَرِّفَهُ إِيَّاه، وأَنْ يُوْجِبهُ عليه.
وإنْ كان من فعل غيرهما لم يجز أنْ يُكَلِّفَهُ الله تعالى الفعل المطلوب فيه إِلَّا بعد أَنْ يَعْلَم أَنَّ ذلك الغير يفعله لا محالة، إِذْ لا يصح أَنْ يُوجِبَهُ على ذلك الغير لأجلِ مَصْلحةٍ تعُودُ إِلى غيرهِ إِلَّا أَنْ يكون له فيه مصلحة، كما أوجب على النَّبِي عليه السَّلام أداء الرسالةِ لِنَفْعِ الغير، ونفعه عليه السَّلام.
لا يُقال: الْلُّطْف إِنَّما يجب إذا لم يَقُم غيره مقامه، أَمَّا مع قيام غيره مقامه فلا يجب، فَلِمَ قُلْتُم: أَنَّ الْإِمامة من قبيلِ القِسْمِ الأول؟
لأَنَّا نقول: إِلْتجاء الْعُقَلَاء في كُلِّ زمانٍ ومكان إِلى نَصْبِ الرُّؤَسَاءِ في حُفْظ نِظامهم، يَدِلُّ على إِنْتِفَاء طَرِيقٍ آخر سوى الإمامة.

في وجوب الإمامة

هي واجبةٌ عقلاً على الله تعالى، لأنَّها لُطْف، وكُلُّ لُطْف واجب، فالإِمامة واجبةٌ.
أَمَّا الصُغْرى الإمامة واجبةٌ فضرورية، لأنَّا نَعْلَمُ بالضرورة أَنَّ النَّاس متى كان لهم رئيسٌ يردعهم عن المعاصي، ويُحَرِّضهُم على فعل الطَّاعة، فإِنَّ النَّاس يَصيرون إِلى الصَّلاح أقرب، ومن الفَسَادِ أبعد، وهذا لا يشك فيه العاقل.
وأمَّا الكُبرى، فَقَد تَقَدَّمَتْ وهي كُلُّ لُطْف واجب.

منقول عن كتاب دستور الإمامة للشيخ حيدر الموله