نشأة تدوين الحديث وأشهر المصنفات في ظل منع السلطة

تدوين الحديث عند الشيعة الإمامية: النشأة، التطور، والخصوصية

مقدمة
يُعد الحديث الشريف المصدر الثاني للتشريع بعد القرآن الكريم، وهو الحاضن العملي لتفاصيل العقيدة والشريعة الإسلامية. وقد أولى الشيعة الإمامية أهمية بالغة لتدوين الحديث وحفظه، لما تمثله روايات أهل البيت (عليهم السلام) من امتدادٍ مباشر للنبوة، وشرحٍ مفصّلٍ لمعاني القرآن وأحكام الدين. في هذا المقال نسلّط الضوء على تدوين الحديث عند الشيعة الإمامية من حيث النشأة، الخصائص، وأبرز المصنفات والمراحل.

أولًا: مفهوم الحديث عند الشيعة الإمامية

الحديث في المفهوم الشيعي لا يقتصر على ما صدر عن النبي محمد (صلى الله عليه وآله)، كما هو الحال عند المخالفين، بل يشمل أيضًا ما ورد عن الأئمة المعصومين الاثني عشر (عليهم السلام)، باعتبارهم أوصياء الرسول، ومفسري الكتاب، والمصدر الشرعي المعصوم في فهم الدين، استنادًا إلى حديث الثقلين المشهور: «إني تارك فيكم الثقلين: كتاب الله، وعترتي أهل بيتي…»

ثانيًا: أمر النبي (صلى الله عليه وآله) بكتابة الحديث

على خلاف ما يُشاع من أن النبي محمدًا (صلى الله عليه وآله) نهى عن كتابة الحديث، فإن الروايات الثابتة عن النبي وآل بيته الأطهار (عليهم السلام) تؤكد أنه أمر بكتابة الحديث، بل وشجع عليها، لتكون وسيلة لحفظ السنّة ونقلها للأجيال.

أ. التدوين في حياة النبي (صلى الله عليه وآله):

1- حديث صحيفة عمرو بن العاص

ورد أن بعض الصحابة، مثل عبد الله بن عمرو بن العاص، كان يكتب كل ما يسمعه من النبي، وقال: “كنت أكتب كل شيء أسمعه من رسول الله (صلى الله عليه وآله) أريد حفظه، فنهتني قريش، فقالوا: أتكتب كل شيء تسمعه ورسول الله بشر يتكلم في الغضب والرضا؟ فأمسكت عن الكتاب، فذكرت ذلك للنبي، فقال: اكتب، فوالذي نفسي بيده، ما خرج منه إلا حق.” (رواه أحمد وأبو داود).

2. حديث “اكتبوا لأبي شاه

عن أبي هريرة أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) لما خطب عام الفتح قال: “فقال رجل من أهل اليمن يقال له أبو شاه: يا رسول الله، اكتبوا لي. فقال رسول الله: اكتبوا لأبي شاه.” (رواه البخاري ومسلم).

3. حديث صحيفة الإمام علي (عليه السلام) 
عن علي (عليه السلام) قال: ما عندنا كتاب نقرؤه إلا كتاب الله، وهذه الصحيفة، فيها: “العقل، وفكاك الأسير، ولا يُقتل مسلم بكافر…” (رواه البخاري ومسلم).

4. حديث ترخيص كتابة الحديث
عن أنس بن مالك قال: “رخص لنا أن نكتب ما سمعنا من النبي (صلى الله عليه وآله)، وكتبنا حتى امتلأت أيدينا.”(عبد الرزاق في “المصنف”)

5. حديث أبي هريرة: صحيفة عبد الله بن عمرو
قال أبو هريرة: لم يكن أحد أكثر حديثًا مني عن رسول الله إلا عبد الله بن عمرو، فإنه كان يكتب ولا أكتب. (رواه البخاري).

6. حديث عبد الله بن عباس عن كتابة السنن
قال عبد الله بن عباس: “كنا نكتب عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) في عهده، وإن كنا لَنكتب ولا ندري ما نكتب، فنسأل رسول الله فيقول: اكتبوا كل ما سمعتم مني فإنه حق.” (ابن سعد في “الطبقات الكبرى، والخطيب البغدادي في “تقييد العلم”).

7. حديث أنس بن مالك عن كتابة الأحاديث
قال أنس بن مالك: “كنا نستعين على حفظ الحديث بالكتابة على عهد رسول الله (صلى الله عليه وآله).” (الخطيب البغدادي في “تقييد العلم”، وابن عبد البر في “جامع بيان العلم وفضله”).

8. حديث جابر بن عبد الله
عن جابر بن عبد الله قال: “كنت أكتب كل ما سمعته من رسول الله (صلى الله عليه وآله) لأحفظه، فشكوت ذلك إلى النبي (صلى الله عليه وسلم)، فقال: أحسنت، احفظه بالكتابة.” (الخطيب البغدادي في “تقييد العلم”).

9. حديث صحيفة النبي (صلى الله عليه وآله)
النص:
عن عبد الله بن عباس قال: “كانت عند رسول الله (صلى الله عليه وآله) صحيفة معلّقة في سيفه، فيها العهد والفرائض والسنن.” (رواه أحمد وأبو داوود).

الدلالة:
الصحابة مارسوا الكتابة وأقرها النبي (صلى الله عليه وآله) ضمنًا، مما يعطي شرعية تامة للتدوين.

10. حديث كتابة الوصية
عن ابن عباس قال: لما كان مرض رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال: “ائتوني أكتب لكم كتابًا لن تضلوا بعده أبدًا”، فقال عمر: إن النبي غلبه الوجع، وعندنا كتاب الله حسبنا..” (رواه البخاري ومسلم).

الدلالة:
النبي (صلى الله عليه وآله) أراد توثيق وصية مكتوبة تحفظ للأمة هداها بعد وفاته، غير أن الاعتراض جاء من بعض الصحابة وليس منه (صلى الله عليه وآله).

11. روايات الشيعة الإمامية: حديث “الجامعة
عن الإمام الصادق (عليه السلام): “عندنا الجامعة، وما يدريهم ما الجامعة؟ صحيفة طولها سبعون ذراعًا، أملاها رسول الله (صلى الله عليه وآله)، وخطها علي (عليه السلام) بيمينه، فيها كل ما يحتاج إليه الناس حتى أرش الخدش.” (الكافي: ج1، ص239).

الدلالة:
تؤكد هذه الرواية أن تدوين الحديث بدأ مبكرًا بإملاء النبي (صلى الله عليه وآله) وكتابة أمير المؤمنين (عليه السلام)، واستمر التدوين في مدرسة أهل البيت (عليهم السلام).

ب- التوجيه العام بالكتابة:
ورد في بعض الروايات أن النبي (صلى الله عليه وآله) أمر بكتابة أحاديثه لمن لا يحفظها، فقال: “قيّدوا العلم بالكتابة.” (رواه أحمد والدارمي).
وهذا نص عام يدعو إلى تدوين العلم، وعلى رأسه السنة النبوية الشريفة.

ثالثًا: الدوافع السياسية الحقيقية لمنع تدوين الحديث

1. منع تداول الأحاديث التي تثبت أحقية علي (عليه السلام) في الخلافة
كثير من الأحاديث النبوية كانت تؤكد منزلة علي (عليه السلام) وولايته بعد النبي، مثل: “من كنت مولاه فعلي مولاه”، و”أنت مني بمنزلة هارون من موسى”، و”علي مع الحق، والحق مع علي”.
هذه الأحاديث، لو دُوِّنت وانتشرت مبكرًا، لأضعفت شرعية الخلفاء الأوائل، خصوصًا أبي بكر وعمر، لأن فيها دلالة على وصية النبي (صلى الله عليه وآله) لعلي (عليه السلام) بالخلافة.
الدلالة: تعمّد تهميش هذه الأحاديث، ومنع تدوينها في العهد الأول، كان بهدف عدم التشكيك في “البيعة” والسلطة.

2. توجيه السنة لخدمة النظام السياسي
بعد قيام الدولة الأموية، ظهر ما يُعرف بـ”علماء البلاط” الذين كانوا يصوغون أحاديث أو يؤولونها لتبرير السلطة، مثل كعب الأحبار، الزهري، مكحول وغيرهم.
لو كانت السنة مدوّنة من أيام النبي (صلى الله عليه وآله)، لما أمكن إدخال الأحاديث الموضوعة لتأييد بني أمية أو شرعنة ظلمهم.
مثال: وُضعت أحاديث في فضل “معاوية” و”يزيد”، أو أحاديث تذم “الخروج على الحاكم” مطلقًا مثل: “اسمعوا وأطيعوا وإن ضرب ظهركم وأخذ مالكم”.
الدلالة: غياب التدوين أتاح للسلطة التلاعب بالسنة وإدخال ما يخدم النظام السياسي.

3. إقصاء مرجعية أهل البيت (عليهم السلام)
لو تم تدوين الحديث كما أراد النبي (صلى الله عليه وآله)، لكانت مرجعية الدين محفوظة عند من قال عنهم: “إني تارك فيكم الثقلين: كتاب الله وعترتي…”
لكن بعد السقيفة، تحولت المرجعية إلى رواة السلطة، وأُقصي أهل البيت (عليهم السلام).
مثال: عمر بن الخطاب كان يمنع الناس من رواية الحديث ويقول: “أقلوا الرواية عن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وأنا شريككم”، وكان يضرب بعض الصحابة إذا أكثروا، مثل أبي هريرة وعبد الله بن مسعود.
الدلالة: تم إقصاء المرجعية الإلهية لصالح مرجعية السلطة السياسية.

4. احتكار التفسير الديني من قبل الدولة
الدولة الأموية ثم العباسية أرادت أن تكون المصدر الوحيد للعلم والتشريع.
فلو وُجدت صحف سنية موثوقة مدونة من أيام النبي (صلى الله عليه وآله)، لخرج الدين من قبضة السلطان.
مثال: عندما أمر عمر بن عبد العزيز بتدوين الحديث، قوبل بالرفض من بعض رجال الدولة، لأنه كان يُعيد الأمور إلى نصابها الشرعي.
الدلالة: الدافع السياسي كان حصر التفسير الديني بيد الحاكم، ومنع استقلال المعرفة الدينية.

رابعًا: مراحل تدوين الحديث الشيعي

1. مرحلة الكتب والمصنفات (القرن الأول)

كان أصحاب أمير المؤمنين (عليه السلام) يدونون الأحاديث التي يسمعونها في كتب ، وهذه بعض الأمثلة:

1- سلمان الفارسي المحمدي، له كتاب حديث الجاثليق (فهرست الطوسي).

2- جابر بن عبد الله الأنصاري، له صحيفة قال عنها قتادة: لأنّا بصحيفة جابر بن عبد الله أحفظ مني لسورة البقرة (تهذيب التهذيب لإبن حجر العسقلاني)

3- أبو رافع القبطي، مولى رسول الله (صلى الله عليه وآله) وأمينه، له كتاب السنن والأحكام والقضايا مبوّب على أبواب (رجال النجاشي).

4- علي بن أبي رافع، له كتاب الفنون جمع فيه أبواباً من الفقه كالوضوء والصلاة (رجال النجاشي).

5- عبيد الله بن أبي رافع، له كتاب قضايا أمير الؤمنين(عليه السلام)، كما له كتاب آخر بعنوان (تسمية من شهد مع أمير المؤمنين الجمل وصفين والنهروان من الصحابة) (فهرست الطوسي).

6- سُليم بن قيس الهلالي، له كتابه المعروف كتاب سليم أو أصل سليم. سماه إلامام الصادق (عليه السلام) : (أبجد الشيعة). تضمن كثيراً من أحاديث رسول الله وأحاديث أمير المؤمنين (عليهما وآلهما السلام) وأحاديث جماعة كسلمان وأبي ذر والمقداد وعمار بن ياسر (رضوان الله تعالى عليهم). عُرف هذا الكتاب بأنه أول كتاب ظهر للشيعة، (ابن النديم في الفهرست).

7- ميثم بن يحيى التمار، صاحب سر أمير المؤمنين (عليه السلام)، له كتاب في الحديث، (أكثر النقل عنه الشيخ الكشي والشيخ الطوسي).

8- ربيع بن سُميع، من أصحاب أمير المؤمنين (عليه السلام)، له كتاب زكاة النعم (رجال النجاشي).

2- مرحلة الأصول والنوادر (القرن الثاني)
في هذه المرحلة كان أصحاب الأئمة (عليهم السلام) يدوّنون أقوالهم مباشرة في ما عُرف بـ”الأصول الأربعمائة”.
لم تكن هذه الكتب مدوّنة بنظام موضوعي، لكنها كانت المادة الخام لعلم الحديث الإمامي.

قال الطبرسي : ” روى عن الاِمام الصادق (عليه السلام) من مشهوري أهل العلم أربعة آلاف إنسان، و صنّف من جواباته في المسائل أربعمائة كتاب تسمّى الأصول رواها أصحابه و أصحاب ابنه موسى الكاظم (عليه السلام) “. ( إعلام الورى).

من أهم مزاياها :
1. إلتزام أصحاب هذه الكتب بتدوين مروياتهم من الأحاديث التي سمعوها من الإمام مباشرةً ، أو ما يروونه سماعاً عمن يرويه عن الإمام مباشرة.
2. الثناء على أصحاب هذه الكتب من قِبل قدماء أصحابنا مما يؤكد وثاقتهم و شدة حرصهم على سلامة ما يروونه .
3. مبادرة أصحاب هذه الأصول إلى تسجيل و إثبات الأحاديث التي كانوا يسمعونها من الإمام (عليه السلام) في كتبهم من غير تأخير خوفاً من النسيان أو الخطأ. (مشرق الشمسين للبهائي).

3- مرحلة الجوامع الأولية (القرن الثالث)

بعض الجوامع الأولية التي أُخذت أحاديثها من الأصول:

– جامع البزنطي، وهو أحمد بن محمد بن أبي نصر البزنطي، الثقة عظيم المنزلة عند الرضا والجواد عليهما السلام. (رجال النجاشي).

– نوادر الحكمة، لمحمد بن أحمد بن يحيى بن عمران الأشعري القمي، ثقة جليل القدر. (فهرست الطوسي).

– جامع ابن محبوب، وهو محمد بن علي بن محبوب الأشعري القمي، الثقة العين (فهرست الطوسي).

– جامع ابن الوليد، وهو محمد بن الحسن بن الوليد، شيخ الصدوق، الثقة الثقة. (فهرست الطوسي).

– جامع موسى البَجَلي، هو موسى بن القاسم بن معاوية بن وَهَب البجلي، الثقة الثقة. (فهرست الطوسي).

– المحاسن، لأحمد بن محمد بن خالد البرقي، الثقة صاحب الرضا والجواد (عليهما السلام)، وكتابه واصل إلينا ومطبوع. (فهرست الطوسي).

– قُرب الإسناد، لعبد الله بن جعفر الحِمْيَري، برواية ابنه محمد. أما الأب فثقة من أصحاب العسكريين (عليهما السلام)، وأما الابن فثقة له مكاتبات مع المهدي عليه السلام وعجل الله تعالى فرجه الشريف. والكتاب واصل إلينا ومطبوع. (فهرست الطوسي ورجال النجاشي).

– بصائر الدرجات، لمحمد بن الحسن بن الصفار، الثقة صاحب العسكري عليه السلام، وكتابه واصل إلينا ومطبوع. (فهرست الطوسي).

إضافة إلى مصنفات أخرى: للمفضل بن عمر (من أصحاب الصادق والكاظم عليهما السلام)، والحسين بن سعيد الأهوازي، وأحمد بن محمد بن عيسى الأشعري (وهما من أصحاب الرضا والجواد والهادي عليهم السلام)، وسعد بن عبد الله الأشعري (من أصحاب العسكري عليه السلام)، والإسكافي (تلميذ عثمان العمري وابنه محمد والحسين النوبختي سفراء المهدي عليه السلام)، وعلي بن إبراهيم القمي (عاصر العسكري عليه السلام وأدرك الغيبة). وأيضًا تفسير الإمام العسكري (عليه السلام).

4. مرحلة الجمع والتصنيف (القرن الرابع والخامس)
مثّلت هذه المرحلة القفزة الكبرى في التدوين، حيث جُمعت الروايات من “الأصول الأربعمائة” وصُنفت بشكل علمي. وأهم من قام بذلك:

  • ثقة الإسلام الشيخ محمد بن يعقوب الكليني (ت 329 هـ) في كتابه “الكافي”.
  • الشيخ الصدوق (ت 381 هـ) في كتابه “من لا يحضره الفقيه”.
  • الشيخ الطوسي (ت 460 هـ) في كتابيه “التهذيب” و”الاستبصار”.
    وهذه الكتب الأربعة تُعد أمهات مصادر الحديث الشيعي.
  • إضافة إلى كتب الكشي، وعلي بن بابويه، والعياشي، ابن شعبة الحراني، والنعماني، وابن قولويه القمي معاصرو الكليني.
  • ثم بعدهم تلامذة الصدوق: الخزاز القمي، وابن شاذان القمي، والمفيد، والسيد المرتضى، وابن الرازي.
  • ثم بعدهم تلامذة المفيد: السيد المرتضى، والشريف الرضي، والشيخ الطوسي، وأبو الفتح الكراجكي.
  • ومعاصريهم: الطبري الكبير (له كتاب المسترشد في الإمامة)، والطبري الصغير (له دلائل الإمامة).

خامسًا: مراحل تدوين الحديث لدى المخالفين

أ. القرن الأول
لم يكن التدوين منتشرًا، بل كان الاعتماد الأكبر على الحفظ الشفوي.
لكن دوّن بعض الصحابة ما سمعوه من النبي، مثل عبد الله بن عمرو بن العاص الذي كانت لديه صحيفة تسمى “الصادقة”.

الصحيفة الصادقة لعبد الله بن عمرو بن العاص (ت. 65 هـ)
من أوائل ما كتب من الحديث، وجمع فيها نحو ألف حديث سمعها من النبي (صلى الله عليه وآله) بإذن منه.
كانت محفوظة عند أسرته، ونقلت عنها أحاديث في “مسند أحمد” و”الصحيحين”.

ب. القرن الثاني

1. صحيفة همام بن منبه (ت. نحو 100 هـ)
وهي من أقدم ما وصلنا من كتب الحديث. أعاد تحقيقها حميد الله ونشرها مستقلة، وتعد من المصادر المبكرة جدًا.

2. كتاب أبو بكر بن محمد بن عمرو بن حزم (ت. نحو 120هـ)
أمره عمر بن عبد العزيز أن يدوّنه ويبعثه إلى الأمصار.
الوصول: لم يصل، لكن نقلوا رواياته: البيهقي وابن قدامة وابن عبد البر وغيرهم.

3. كتاب محمد بن شهاب الزهري (ت. 124هـ)
يُعد أول من أمره عمر بن عبد العزيز بجمع الحديث رسميًا.
الوصول: لم يصل كتابه مباشرة، لكن رواياته موجودة بكثرة في الموطأ، ومسند أحمد، ومصنف عبد الرزاق.

4. الجامع لعبيد الله بن عمر العمري (ت 147هـ)
الوصول: لم يصل مستقلاً، ولكن توجد له روايات متفرقة في كتب السنن.

5. الجامع لعبد الملك بن جريج (ت 150هـ)
الوصول: وصلتنا روايات كثيرة منه عبر كتب مثل “المصنف” لابن أبي شيبة و”سنن البيهقي”، لكنه لم يصل إلينا كاملاً.

6. كتاب معمر بن راشد (ت 153هـ)
الوصول: وصل جزء كبير منه من خلال رواية عبد الرزاق الصنعاني عنه في “مصنف عبد الرزاق”.
يُعد من أقدم ما وصل بسند متصل ومحتوى معروف.

7. السنن لسعيد بن أبي عروبة (ت 156هـ)
الوصول: لم يصل كتابه كاملاً، لكن رويت عنه أحاديث كثيرة في: “مصنف عبد الرزاق” “سنن الدارمي” “صحيح البخاري” و”مسلم”

8. كتاب شعبة بن الحجاج (ت 160هـ)
الوصول: رواياته مبثوثة في “مصنف ابن أبي شيبة” و”السنن الكبرى” و”المسانيد”.

9. السنن لحماد بن سلمة (ت 167هـ)
الوصول: لم تصل نسخته المستقلة، ولكن روى عنه عبد الرزاق في مصنفه وغيره.

10. الموطأ لمالك بن أنس (ت. 179 هـ)
ألفه بأمر أبو جعفر المنصور، وروى الموطأ عدة رواة، وبعض الروايات واصلة إلينا بتمامها وهي رواية: يحيى بن يحيى الليثي، وأبو مصعب الزهري، ومحمد بن الحسن الشيباني.

11. جامع ابن وهب المصري (ت. 197 هـ)
وصل ألينا.

ج. القرن الثالث

  1. المصنف لعبد الرزاق الصنعاني (ت 211هـ)
  2. المصنف لابن أبي شيبة (ت 235هـ)
  3. مسند أحمد بن حنبل (ت 241هـ)
  4. صحيح البخاري (ت 256هـ)
  5. صحيح مسلم (ت 261هـ)
  6. سنن ابن ماجه (ت 273هـ)
  7. سنن أبي داود (ت 275هـ)
  8. سنن الترمذي (ت 279هـ)
  9. سنن النسائي (ت 303هـ)

وهذه هي أمهات الكتب التي عليها الإعتماد.

سادسًا: علم الرجال والدراية عند الشيعة

لم يكتف علماء الإمامية بجمع الحديث، بل أسسوا علمًا متكاملًا لنقد السند والمتن، ومن أبرزهم:

  • النجاشي في كتابه “رجال النجاشي”.
  • والشيخ الطوسي في “الفهرست” و”الرجال”.
    وقد وضعوا معايير دقيقة في الجرح والتعديل، وميّزوا بين “الثقة، الضعيف، المهمل، المجهول” بدقة بالغة.

خاتمة
تدوين الحديث عند الشيعة الإمامية لم يكن مجرد عملية توثيق للنصوص، بل مشروعًا علميًا متكاملًا لحفظ الإسلام من خلال العترة الطاهرة (عليهم السلام)، وفقًا لوصية النبي (صلى الله عليه وآله).
وتظهر أهمية هذا المشروع في استمراره حتى اليوم، عبر مؤسسات التحقيق، والطباعة، والتحليل العلمي الحديث لروايات المعصومين (عليهم السلام).