صفات الإمام عند الشيعة

صفات الإمام

1- يجب أَن يكون معصومًا – والعصمة هي لطفٌ خفيٌّ يفعله اللَّه تعالى بالمكلَّف، بحيث لا يكون له داعٍ إِلى ترك الطَّاعة وارتكاب المعصية، مع قدرته على ذلك – ، وإِلَّا – إِذا لم يكن معصومًا – لزم التَّسلسل، والتَّالي، الَّذي هو التَّسلسل، يكون باطلًا، لأَنَّ المقدّم، الَّذي هو عدم العصمة، مثله باطلٌ.

إنَّ العلَّة المقتضية لوجوب نصب الإمام، جواز الخطأ على المكلَّف. فلو جاز عليه الخطأ، لوجب افتقاره إلى إمام آخر، فيكون لطفًا له وللأُمَّة أَيضًا، ويتسلَّسل أَو ينتهي إِلى إِمامٍ لا يجوَّز عليه الخطأ، فيكون هو الإِمام.

ولأَنَّه لو فعل المعصية، فإِمَّا أن يُتّبع لقوله تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنكُمْ …﴾ (1) وهو محالٌ قطعًا، وإِلَّا لم يكن ذنبًا، ولسقط وجوب الأَمر بالمعروف والنَّهي عن المنكر، وهو محالٌ أَيضًا.

أَو أَن لا يتَّبع لقوله تعالى: ﴿… وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ…﴾ (2) ولوجوب الأَمر بالمعروف والنَّهي عن المنكر، فيجب الإِنكار عليه، فيسقط محلَّه من القلوب ويكون أَقلَّ حالًا من رعيَّته، ولم يبق وثوقٌ بقوله؛ لجواز أَن يكون كذبًا، ولا بفعله لجواز أَن يكون خطأً، وكلُّ ذلك باطلٌ قطعًا وهو مناقضٌ للغرض من نصب الإِمام.

ولأَنَّه الحافظ للشَّرع، فلو جاز عليه الخطأُ لم يؤمن حفظه للشَّرع، فيجب أَن يكون معصوماً.

2- يجب أَن يكون منصوصًا عليه، لأَنَّا شرطنا فيه العصمة، وهي من الأُمور الباطنة التي لا يطلع عليها غير اللَّه تعالى. فإِذا لم يجب النَّصُّ، لزم التَّكليف بما لا يطاق، فيجب أَن يتعين بالنَّصِّ، لا بغيره. ولأَنَّ النَّبيَّ صلَّى اللَّه عليه وآله كان أَشفق على النَّاس من الوالد على ولده، حتَّى أَنَّه صلَّى اللَّه عليه وآله أَرشدهم إِلى أَشياء لا نسبة لها إِلى الخليفة بعده، كما أَرشدهم في قضاء الحاجة إِلى أَمورٍ كثيرةٍ مندوبةٍ وغيرها من الوقائع. وكان صلَّى اللَّه عليه وآله إِذا سافر عن المدينة يومًا أَو يومين، استخلف فيها من يقوم بأَمر المسلمين. ومن هذه حالته كيف ينسب إِليه – حاشاه – إِهمال أُمَّته وعدم إِرشادهم في أجّل الأَشياء وأَعظمها قدرًا وأَكثرها فائدةً وأَشدِّ حاجةً إِليها، وهو – أَيُّ الإِمام – المتولِّي لأُمورهم بعده. فوجب من سيرته صلَّى اللَّه عليه وآله نصب إِمام بعده، والنَّصُّ عليه وتعريفهم إِيَّاه.

3- يجب أن يكون الإمام أفضل من رعيته، فتقديم المفضول على الفاضل عقلاً وسمعًا يعتبر قبحًا، لقوله تعالى: ﴿أَفَمَنْ يَهْدِي إلى الحَقِّ أَحَقُّ أَنْ يُتَّبَعَ أَمَّنْ لَا يَهِدِّي إِلَّا أَنْ يُهدى﴾ (3)، ولقوله تعالى: ﴿ لَا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ ﴾ (4)، يظهر هذا الإشارة إلى عهد الإمامة، حيث يكون الفاسق هو الظالم.

ويدخل في ذلك كونِه: أعلم، وأشجع, وغير ذلك..

(1) سورة النساء: آية 59.

(2) سورة البقرة: آية 2.

(3) سورة القصص: آية 43.

(4) سورة البقرة: آية 68.

منقول عن كتاب دستور الإمامة للشيخ حيدر الموله