من العقبة إلى السقيفة: مؤامرة إقصاء أهل البيت (عليهم السلام) في ضوء الروايات الشيعية
تمهيد المؤامرة وإرهاصات النفاق
منذ أن بزغ نور الإسلام في بطحاء مكة، وارتفع صوت التوحيد في وجه الجاهلية، بدأت النفوس المريضة تَتململ من هذا النور الذي يُنذر بزوال هيمنة قريش على العقول والسلطة. ولم تكن المعركة بين التوحيد والشرك فقط، بل كان في أعماق المشهد صراعٌ آخر خفيّ، أكثر خبثًا وأشدّ مكيدة: صراع النفوس المنافقة التي لبست لبوس الإسلام ظاهرًا، وأخفت بين أضلعها أحقاد الجاهلية ورغبة في الهيمنة.
لقد كانت حركة النفاق في صدر الإسلام أكثر من مجرد ظاهرة اجتماعية؛ كانت مشروعًا سياسيًا متكاملًا يهدف إلى تقويض دعائم الرسالة من الداخل، وقطع الطريق على الخلافة الإلهية التي نصَّب الله بها أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) وصيًا بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله). وهذا ما أشار إليه القرآن الكريم في آيات كثيرة، منها قوله تعالى: ﴿وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مَرَدُوا عَلَى النِّفَاقِ لَا تَعْلَمُهُمْ نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ﴾ [التوبة: 101]، فهؤلاء لم يكونوا ظاهرين في نفاقهم، بل أظهروا الإسلام وأبطنوا الكيد والمكر.
كان رأس هذا المشروع المنافق يستهدف أهل بيت العصمة والطهارة (عليهم السلام) منذ اللحظة الأولى، بل حتى في حياة رسول الله (صلى الله عليه وآله)، ظهرت محاولات لإجهاض هذا الامتداد الشرعي. وقد تجلت إرهاصات هذا المشروع في مناسبات عدّة، لعلّ أبرزها ما نُقل من اعتراض بعض الصحابة على إعلان ولاية أمير المؤمنين (عليه السلام) في غدير خم، وقول بعضهم: “حسبنا كتاب الله”، في رفضٍ صريح لوصية النبي التي ثبتت بنصوص متواترة.
ومن الملامح الواضحة لهذا المشروع، ما كان من تشكيكٍ في قرارات النبي (صلى الله عليه وآله) نفسه، كما في واقعة “رزية يوم الخميس”، حينما قال النبي (صلى الله عليه وآله) : «ائتوني بكتاب أكتب لكم كتابًا لن تضلوا بعده أبدًا»، فردّ عليه بعضهم: “إن النبي يهجر” – والعياذ بالله – وهي كلمة تهزّ كيان العقيدة، وتفتح الباب لمشاريع الانقلاب.
وفي هذه الأجواء، بدأ المخطط يُنسج بصمت، بانتظار اللحظة المناسبة بعد شهادة النبي (صلى الله عليه وآله). فكان لا بدّ من إعداد الأرضية: تشويه مكانة أمير المؤمنين (عليه السلام)، وإقصائه من المشاهد القيادية، وزرع بذور التنافس القبلي تحت عنوان “الصحبة” و”السابقة”.
لقد وُلد النفاق في المدينة خفيًّا، لكنه لم يمت، بل ترعرع حتى استحال إلى مؤامرة امتدت حلقاتها من محاولة الاغتيال في العقبة، إلى الصحيفة السوداء المدفونة في جوف الكعبة، إلى السقيفة التي اختُطف فيها القرار الإسلامي بعيدًا عن وصية السماء.
لم تكن مؤامرة السقيفة وليدة اللحظة، بل هي ثمرة غرسٍ قديم نما في الظل، وسُقي بالحقد على آل محمد (عليهم السلام)، وتُوّج بانقلابٍ على الوصية الإلهية في غدير خم. ومن هنا، كان لا بدّ لكل باحثٍ منصف أن يبدأ بتحليل إرهاصات النفاق منذ زمن النبي (صلى الله عليه وآله)، ليفهم كيف تسرّب هذا الداء إلى قلب الأمة، ومهّد لانحرافها عن الولاية الحقة.
وفي هذا التمهيد، نضع الأساس لفهم المؤامرات المتعاقبة التي أحاطت بأهل البيت (عليهم السلام)، والتي بدأت قبل السقيفة بزمن، وظلّت تتجدد بصور متعددة حتى يومنا هذا، مع كل ظلمٍ لأهل بيت النبوة، وكل تزييفٍ لوصايا رسول الله (صلى الله عليه وآله).
رحم الله من وقف مع علي (عليه السلام) منذ اللحظة الأولى، من أمثال سلمان، وأبي ذر، والمقداد، وعمار (رضوان الله عليهم)، فقد كانوا شهود الحق في زمن الباطل، وكانوا أنصار الوصية في زمن المؤامرة.
حادثة العقبة: محاولة اغتيال النبي (صلى الله عليه وآله)
في الأيام الأخيرة من حياة النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله)، وبعد أن قاد بنفسه غزوة تبوك، عاد إلى المدينة يحمل راية النصر ومعه كرامة الوحي. لكنّ ظلال المؤامرة كانت تسبق خطاه، إذ كان هناك من ينتظر الفرصة المناسبة للانقضاض على دعائم النبوة، وإنهاء حياة النبي (صلى الله عليه وآله) قبل أن يُعلن بوضوح إمام الأمة من بعده. وهكذا وُلدت “حادثة العقبة”، لتكون من أبشع محاولات الغدر بالنبي الأكرم (صلى الله عليه وآله) في أواخر حياته الشريفة.
رُويت هذه الحادثة في مصادر عديدة، وذُكر أن مجموعة من الصحابة تواطؤوا على تنفيذ خطة اغتيال محكمة أثناء عودة النبي من تبوك، مستغلين عقبة وعرة تمرّ بها قافلته. وكما في رواية حذيفة بن اليمان، التي نقلها العلامة محمد باقر المجلسي (رحمه الله) في بحار الأنوار، فإن المتآمرين كانوا أربعة عشر رجلًا، تسعة من قريش وخمسة من غيرهم. وقد عصّبوا وجوههم لئلا يُعرفوا، وهدفهم أن يُفزعوا ناقة رسول الله (صلى الله عليه وآله) لتسقط به من أعلى الجبل، لكن الله سبحانه أنجاه وأخبر النبي (صلى الله عليه وآله) حذيفة وعمّار (رضوان الله عليهما) بأسمائهم.
وأسماء المتورطين بإغتيال النبي (صلى الله عليه وآله) في العقبة – بحسب كتاب بحار الأنوار: ج 28، ص 100 – تضمنت أسماء بارزة، هي: ” أبو بكر بن أبي قحافة، وعمر بن الخطاب، وعثمان بن عفان، وطلحة بن عبيد الله، وعبد الرحمن بن عوف، وسعد بن أبي وقاص، وأبو عبيدة الجراح، ومعاوية بن أبي سفيان، وعمرو بن العاص ” إضافة إلى ” أبو موسى الأشعري، والمغيرة بن شعبة الثقفي، وأوس بن الحدثان البصري، وأبو هريرة، وأبو طلحة الأنصاري “. وهي أسماء تُظهر أن المؤامرة لم تكن فعلًا فرديًا أو تصرّفًا عشوائيًا، بل كانت خطة ممنهجة من شخصيات تصدّرت المشهد السياسي بعد رحيل النبي (صلى الله عليه وآله)، وهذا ما يعزّز الترابط بين الحادثة والانقلاب السياسي في السقيفة.
قال الله تعالى: ﴿يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ مَا قَالُوا وَلَقَدْ قَالُوا كَلِمَةَ الْكُفْرِ وَكَفَرُوا بَعْدَ إِسْلَامِهِمْ وَهَمُّوا بِمَا لَمْ يَنَالُوا﴾ [التوبة: 74]، وقد فسّر بعض مفسري الشيعة هذه الآية بأنها نزلت في أهل العقبة الذين همّوا بقتل النبي (صلى الله عليه وآله) ولم يظفروا بمكرهم.
إن حادثة العقبة ليست حادثة معزولة في التاريخ، بل هي مرآة لمرحلة حرجة، وشاهد على بروز مشروع النفاق السياسي. وقد كان من فضل الله أن نجّى نبيّه (صلى الله عليه وآله)، ليُتمّ الحجة ويُبلغ الوصية، لكنّ المؤامرة لم تنتهِ هناك، بل استمرت بعد وفاته، لتدخل الأمة في منعطف خطير غيّب الحق وأظهر الباطل، {وَقَدْ مَكَرُوا مَكْرَهُمْ وَعِندَ اللَّهِ مَكْرُهُمْ وَإِن كَانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَالُ} [إبراهيم: 46].
ويمكن الربط بين “حادثة العقبة” وبين “الصحيفة الملعونة” و”السقيفة”، باعتبارها مراحل متعاقبة في مخطط واحد لإقصاء أهل البيت (عليهم السلام) عن موضع القيادة. فحادثة العقبة كانت المرحلة الميدانية الأولى، وتهدف إلى التخلص من النبي (صلى الله عليه وآله) جسديًا، بينما كانت الصحيفة تنظيرًا سياسيًا لإقصاء أهل البيت (عليهم السلام) ، والسقيفة كانت تتويجًا للانقلاب الكامل بعد وفاته (صلى الله عليه وآله).
الصحيفة الملعونة: التنظير السري للانقلاب
في جوف الكعبة، وتحت ستار القداسة، كُتبت واحدة من أخطر وثائق التاريخ الإسلامي، وثيقة حملت في طياتها خيانة الرسالة وتآمرًا على الوصية، وتواطؤًا لإقصاء آل بيت النبوة (عليهم السلام) عن موضعهم الشرعي في قيادة الأمة. إنها الصحيفة الملعونة، التي سمّاها الإمام الصادق (عليه السلام) في رواياته: “الصحيفة التي لعنتها الملائكة”.
لم تكن هذه الصحيفة مجرد ورقة من حبر وأحبار، بل كانت مشروعًا انقلابيًا مكتمل الأركان، كتبه اثنا عشر رجلًا من قريش – كما روى الإمام الصادق (عليه السلام) – واتفقوا فيها سرًا على أن يمنعوا الخلافة عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) بعد شهادة النبي (صلى الله عليه وآله)، وأن يُخرجوا هذا الأمر من بني هاشم إلى قريش عامة، تحت ذريعة الشورى وظلّ المصالح القبلية.
وجاء في الرواية الشيعية – كما في بحار الأنوار: ج 28، ص 102-103 و 111 – ما نصه: (وكان أول ما في الصحيفة النكث لولاية علي بن أبي طالب (عليه السلام) وأن الامر إلى ” أبي بكر وعمر وأبي عبيدة وسالم مولى أبي حذيفة ” معهم ، ليس بخارج منهم ، وشهد بذلك أربعة وثلاثون رجلًا: وفيهم أصحاب العقبة ، وعشرون رجلًا آخر، وهم رؤوس القبائل منهم: ” أبو سفيان، وعكرمة بن أبي جهل، وصفوان بن أمية بن خلف، وسعيد بن العاص، وخالد بن الوليد، وعياش بن أبي ربيعة، وبشير بن سعيد، وسهيل بن عمرو، وحكيم بن حزام، وصهيب بن سنان، وأبو الأعور الأسلمي، ومطيع بن الأسود المدري “. فأمروا سعيد بن العاص الأموي فكتب هو الصحيفة باتفاق منهم، واستودعوا الصحيفة أبا عبيدة بن الجراح وجعلوه أمنيهم عليها).
وقد جاء في الكافي للكليني (رحمه الله) أن الإمام الصادق (عليه السلام) قال: «لو كنت بين موسى والخضر لأخبرتهما أني أعلم من ذلك الصحيفة، فيها اثنا عشر رجلًا من قريش، تعاهدوا أن لا يردوا هذا الأمر إلينا أهل البيت بعد وفاة النبي». وهذا الحديث ليس مجازًا، بل إشارة إلى خطورة ما احتوته تلك الصحيفة من تآمر وتجاسر على أمر الله.
أما كتاب “الاحتجاج” للشيخ الطبرسي (رحمه الله)، فقد نقل خطبة لأمير المؤمنين (عليه السلام) قال فيها محتجًا على القوم: «لقد تقمصها ابن أبي قحافة، وإنهم قد كتبوا صحيفة بينهم تعاهدوا فيها أن لا يُولوا الأمر عليًّا ما داموا أحياء». فها هو الوصي يشهد على المؤامرة، ويُسمي الصحيفة بأسمائها دون تورية أو تلبيس.
وروى سليم بن قيس الهلالي (رضوان الله عليه) عن الإمام علي (عليه السلام) أنه قال أمام جمع من الصحابة: «لقد وفيتم بصحيفتكم الملعونة التي تعاقدتم عليها في الكعبة: إن قتل الله محمداً أو مات، لتزون هذا الأمر عنّا أهل البيت». وعندما أنكر أبو بكر علم علي (عليه السلام) بالصحيفة، استشهد الإمام بشهود الحق من سلمان والمقداد وأبي ذر، وقال لهم: “أسألكم بالله، أما سمعتم رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول ذلك؟” فأقرّوا أمام القوم بالحقيقة: نعم، سمعنا رسول الله يقول ذلك لك.
إنها لحظة من لحظات التاريخ المشحونة بالألم، حين يُقرّ أمير المؤمنين (عليه السلام) بالمؤامرة، ويُفصح عن حقائق خفية، لطالما طُمست في سرديات رسمية أريد لها أن تُسطّر التاريخ من زاوية المنتصر السياسي لا من زاوية الحق الإلهي.
لقد أرادت هذه الصحيفة أن تُؤسس لمرحلة ما بعد النبي (صلى الله عليه وآله) بما يخالف النص الإلهي المتمثل في حديث الغدير: «من كنت مولاه، فهذا علي مولاه». أرادت أن تؤول الأمة إلى حكم قريش السياسي، لا إلى ولاية أهل البيت الذين اختارهم الله لخلافته في الأرض، كما قال تعالى: ﴿إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا﴾ [البقرة: 124]، وجعل الإمامة عهدًا إلهيًا لا مشورة فيه ولا تصويت.
ويكفي أن نعلم أن هذه الوثيقة بقيت طي الكتمان حتى أفصح عنها الإمام الصادق (عليه السلام) في أحاديثه، فقال: «كتبوا بينهم كتابًا وتعاهدوا وتوافقوا على أن إذا مات رسول الله أن لا يردوا هذا الأمر فينا أهل البيت»، ثم قرأ: ﴿أَمْ أَبْرَمُوا أَمْرًا فَإِنَّا مُبْرِمُونَ﴾ [الزخرف: 79]، ليردّ الله سبحانه عليهم بكشف مخططهم.
هكذا إذًا، لم تكن الخلافة بعد النبي (صلى الله عليه وآله) حالة ارتجالية أو فلتة، بل نتيجة تخطيط مسبق، وتهيئة نفسية وسياسية قامت بها مجموعة من الصحابة، وأدّت لاحقًا إلى ما شهدناه من بيعة السقيفة، وتهميش الإمام علي (عليه السلام)، وتبديل معالم الدين تدريجيًا.
هذه الصحيفة الملعونة لم تكن موجهة ضد شخص الإمام فحسب، بل كانت انقلابًا على النهج النبوي، وإقصاءً لمنهج الوحي، ومحاولة لتسييس الدين وتحويله إلى سلطة قبيلة لا خلافة ربانية.
السقيفة: الانقلاب على النص الإلهي
في لحظةٍ كان جسد النبي محمد (صلى الله عليه وآله) لا يزال مسجّى لم يُدفن، وفي بيته كانت دموع آل محمد (عليهم السلام) تسيل على فراق الحبيب، كانت هناك جماعة اجتمعت على عجل في سقيفة بني ساعدة لتُعلن ما سُمّي بالخلافة، وهي في الحقيقة لم تكن إلا انقلابًا مكتمل الأركان على النص الإلهي، وعلى وصية الرسول الواضحة في يوم الغدير: «من كنت مولاه، فهذا عليٌّ مولاه»
إن حادثة السقيفة لم تكن صدمة طارئة، بل كانت ثمرة مخطط طويل ابتدأ منذ حياة النبي (صلى الله عليه وآله)، وتكرّست مع كتابة “الصحيفة الملعونة”، وبلغت ذروتها في تلك الساعات التي غابت فيها أعين الناس عن التأمل في الموقف، واستغلّها الانتهازيون للانقضاض على إرادة السماء.
لقد كان أهل بيت النبي (عليهم السلام) منشغلين بتغسيله وتكفينه، يتقدمهم وصيّه أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام)، كما أوصى بذلك النبي نفسه. في حين اجتمع الأنصار ومعهم نفر من المهاجرين على رأسهم أبو بكر، وعمر، وأبو عبيدة، فدارت بينهم المفاوضات والمناورات السياسية، وانتهت ببيعة فلتة، كما وصفها عمر نفسه لاحقًا بقوله: «إنها كانت فلتة، وقى الله شرّها، فمن عاد لمثلها فاقتلوه» [صحيح البخاري].
ولكن كيف لفلتةٍ أن تُلغي نصًا نزل به الوحي؟! ألم يُعلن النبي (صلى الله عليه وآله) في حجته الأخيرة أمام عشرات الآلاف في غدير خم: «اللهم والِ من والاه، وعادِ من عاداه، وانصر من نصره، واخذل من خذله»؟! ألم يُنزل الله تعالى بعد ذلك: ﴿اليوم أكملتُ لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي﴾ [المائدة: 3]؟ فهل يكتمل الدين وتُترك الأمة دون قائد منصوص من الله؟! حاشا لربّ العالمين أن يترك الأمة في أيدي المتنافسين.
لقد قال الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام) في نهج البلاغة وهو يصف ما جرى: «أما والله لقد تقمّصها ابن أبي قحافة، وإنه ليعلم أن محلّي منها محلّ القطب من الرحى، ينحدر عني السيل ولا يرقى إليّ الطير»، ثم أضاف: «فسكتُّ، وفي العين قذى، وفي الحلق شجا، أرى تراثي نهبًا». فسكوته (عليه السلام) لم يكن ضعفًا، بل موقفًا لحفظ الدين من أن يُجهز عليه من الداخل، ريثما يعود الوعي للأمة.
كانت السقيفة انقلابًا صريحًا على الغدير، وتجاوزًا متعمّدًا للنص الإلهي، واغتصابًا للخلافة التي أوصى بها النبي لأخيه ووصيّه علي بن أبي طالب (عليه السلام). وقد رُوي في الكافي الشريف، عن الإمام الصادق (عليه السلام) أنه قال: «والله ما بايع عليٌّ أبا بكر، حتى رأى الدخان قد دخل بيته، وكاد يُقتل ولده، وسُحبت الزهراء من دارها». وهذا المشهد يكشف عن حقيقة ما جرى من إرغام، لا من رضا، وعن سلبٍ للخلافة بالقهر، لا بالشورى.
كل ذلك بدأ حينما اجتمع القوم في السقيفة دون أهل البيت (عليهم السلام)، وأقصوا أصحاب البيعة الحقيقية، وفتحوا الباب لبني أمية وبني العباس فيما بعد، حتى أصبح الإسلام في أيدي الطغاة، وتحوّلت الخلافة إلى سلعة يتنازعها الأمراء.
أما موقف الصحابة الموالين لعلي (عليه السلام) من تلك البيعة، فكان واضحًا في رفضهم لها، فقد ذكر المؤرخون أسماء من لم يبايعوا، مثل: سلمان الفارسي، وأبو ذر الغفاري، والمقداد بن عمرو، وعمّار بن ياسر، وخزيمة بن ثابت، وسهل بن حنيف، وزيد بن أرقم، ومحمد بن أبي بكر، وجابر بن عبد الله الأنصاري، وغيرهم ممن وقفوا بقلوبهم وسيوفهم إلى جانب الوصي المظلوم.
إن السقيفة لم تكن بيعة شورى كما صوّرتها بعض المصادر، بل كانت اختطافًا سياسيًا للقيادة من مستحقها الإلهي. وقد قال الإمام الحسن المجتبى (عليه السلام): «ما بقي في وجه الأرض من عبدٍ له خطر عند الله إلا وقد خذلنا»، في إشارة إلى المظلومية التي رافقت أهل البيت (عليهم السلام) منذ تلك اللحظة.
فيا ترى، أكانت بيعة الغدير التي عُقدت بنصّ السماء، وبحضور الصحابة، وبدعاء النبي، أقل شرعية من بيعة فلتة السقيفة التي أُنجزت على عجل وبلا حضور آل محمد (عليهم السلام)؟ وهل يُقبل في دين الله أن تُغيَّب الوصية وتُفرض الخلافة بسبق القوم لا بسابق الطاعة؟
سلامٌ على عليّ بن أبي طالب (عليه السلام)، أمير المؤمنين المنصوص من ربّ العالمين، الذي صبر وقد كان الحق معه، وسُلب وقد كان هو الحق، ومضى وقد ترك لنا رايةً نرفعها، ونورًا نهتدي به، حتى يظهر القائم المنتظر (عجّل الله فرجه الشريف)، فيُعيد الأمور إلى نصابها، ويردّ الخلافة إلى أهلها.
مواقف المعارضين: موقف الإمام علي (عليه السلام) وخواصه
عقب انفضاض اجتماع السقيفة، وبيعة أبي بكر على عجل، لم تكن الأمة كلها على قلب رجل واحد، كما حاولت بعض الروايات أن تُصوّر، بل انقسم المهاجرون والأنصار، وتوزّعت المواقف، وبرز في مقدمة المعترضين أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) الذي ظلّ على وصيته الإلهية ثابتًا، لم يُبدّل ولم يُناور، ووقف موقف الحق، وإن كثر الباطل.
كان الإمام (عليه السلام) أولى الناس بالخلافة نصًا وفضلًا، وقد قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) فيه: «أنت مني بمنزلة هارون من موسى، إلا أنه لا نبي بعدي»، كما ورد في الصحاح، وكان حديث الغدير تاجًا تتويجيًا لولايته: «من كنت مولاه، فهذا عليٌّ مولاه». ومع ذلك، لما جاءه القوم يطلبون بيعته لأبي بكر، رفض، واحتجّ بما لا يدع مجالًا للشك في أحقيّته، وقال كلمته الخالدة: «أما والله لقد تقمّصها ابن أبي قحافة، وإنه ليعلم أن محلّي منها محلّ القطب من الرحى».
لم يكن اعتراض الإمام (عليه السلام) انفعالًا شخصيًا، بل كان موقفًا مبدئيًا دفاعًا عن رسالة النبي (صلى الله عليه وآله) التي أُريد لها أن تُحرّف عن مسارها. وقد اتخذ الإمام نهجًا في معارضته: لم يلجأ إلى السيف، لكنه لم يُسلّم بالباطل، بل احتجّ بالقرآن والسنة، وخطب في الناس، واستنصر المخلصين، حتى رُوي أنه جمع أهل بيته وشيعته، وخرج بزوجته فاطمة الزهراء (عليها السلام) لطرق أبواب الأنصار يستنصرهم، فخذلوه إلا قلة من أصحاب الإيمان والولاء.
كان الإمام علي (عليه السلام) محاطًا بثلة من الصحابة الأوفياء الذين لم يُغيّروا ولم يُبدّلوا، فكانوا معه في السراء والضراء، وجاهروا بالرفض رغم التضييق والتخوين. منهم سلمان الفارسي (رضوان الله عليه)، ذلك الحكيم الإيماني الذي قال: «إن عليًّا هو وصي رسول الله حقًّا، وإنكم ظلمتموه حقّه». وكان أبو ذر الغفاري (رضوان الله عليه) صوت الحق الصارخ في وجه السلطة، فلم يخف في الله لومة لائم، حتى نفوه بعيدًا ومات غريبًا. أما المقداد بن عمرو (رضوان الله عليه)، فقد قالها واضحة: «لو أمرني عليٌّ أن أقدّم رقبتي لسيف، لفعلت»، وكان من المدافعين عنه في وجه القوم.
ومنهم أيضًا عمّار بن ياسر، الرجل الذي قال فيه النبي (صلى الله عليه وآله): «تقتلك الفئة الباغية»، وكان من الدعاة إلى ولاية علي (عليه السلام)، حتى لحظة شهادته في صفّين. وكذلك خزيمة بن ثابت (رضوان الله عليه) الذي اشتهر بـ”ذو الشهادتين”، وكان من أولئك الذين قالوا للإمام: «لو أمرتنا أن نخوض البحر لخضناه معك».
لقد سجلت كتب التاريخ مواقف هؤلاء الأخيار، لا سيما في كتب الشيعة كـ”الكافي” و”الاحتجاج” و”بحار الأنوار”، وأيضًا في المصادر السنية التي نقلت تردّد بعض الصحابة في بيعة أبي بكر، وتأخرهم عنها، أو امتناعهم التام. ومنهم من بايع تحت الضغط، أو بعد ترهيب وتهديد، كحال الزبير بن العوام، الذي أشهَر سيفه في البدء، لكن خُوّف حتى تراجع.
أما السيدة الزهراء (عليها السلام)، فكانت الصوت الأنثوي الثائر في وجه الظلم، حيث خطبت في المسجد خطبتها الفدكية الخالدة، وبينت للناس أن الخلافة سُلبت من مستحقها الشرعي. وقالت: «أما لعمر الله لقد لقحت فنظرة ريثما تُنتج، ثم احتلبوها دماً عبيطًا، فصبًّا في نار قد حَفِرها»، في إشارة إلى بداية الحكم الجائر الذي تأسس على السقيفة.
الربط بين العقبة والصحيفة والسقيفة: مؤامرة مترابطة الأركان
حين يتأمل الباحث في صفحات التاريخ الإسلامي الأولى، يجد أن الحوادث الثلاث: العقبة، والصحيفة، والسقيفة، لم تكن أحداثًا متفرقة كما قد يبدو في ظاهرها، بل كانت فصولًا متعاقبة لمؤامرة واحدة نسج خيوطها المنافقون في حياة النبي محمد (صلى الله عليه وآله)، وكان هدفها الأساس إقصاء أهل البيت (عليهم السلام) عن موضعهم الشرعي الذي نصّ عليه الوحي، وأكّده النبي مرارًا وتكرارًا. فالمؤامرة بدأت بمحاولة الاغتيال في العقبة، واستمرّت بتخطيط سياسي خفي في الصحيفة الملعونة، وانتهت بانقلاب مكشوف في سقيفة بني ساعدة.
حادثة العقبة، تلك المحاولة الجبانة التي استهدفت حياة النبي (صلى الله عليه وآله) أثناء عودته من غزوة تبوك، ليست مجرد حادثة أمنية عابرة، بل كانت أول تجسيد عملي لعداء داخلي أراد إيقاف المشروع النبوي عند شخص النبي، قبل أن يُعلن وصيه وخليفته. وقد نقلت المصادر الشيعية – وعلى رأسها بحار الأنوار – أن المتآمرين في العقبة كانوا من أبرز من تصدروا المشهد بعد رحيل النبي، في إشارة إلى أن الهدف كان اغتيال المشروع من رأسه، لا فقط اغتيال الجسد النبوي.
ثم تأتي “الصحيفة الملعونة”، لتُظهر الوجه الآخر من المؤامرة، وهو الجانب السياسي المنظم. هذه الوثيقة السرية، التي كتبها اثنا عشر رجلاً من قريش، ودفنوها في جوف الكعبة، كانت تنص على عهد بينهم أن لا يُولّوا الأمر لعلي بن أبي طالب (عليه السلام) أو لأحد من أهل بيت النبي (عليهم السلام). وقد قال الإمام الصادق (عليه السلام): «كتبوا بينهم كتابًا وتعاهدوا وتوافقوا على أن إذا مات رسول الله أن لا يردوا هذا الأمر فينا أهل البيت»، ثم قرأ: ﴿أم أبرموا أمرًا فإنا مبرمون﴾ [الزخرف: 79]، في دلالة واضحة على أن الله يعلم مكرهم ويدبّره.
إن الربط بين هذه الوثيقة وبين محاولة الاغتيال يتضح في أن الأسماء نفسها تتكرّر، والهدف واحد، والأسلوب هو ذات الأسلوب: التخطيط في الظل، وتنفيذ الغدر في العلن، وتبريره بالسياسة والمصلحة.
ثم تأتي السقيفة، لتكون الصفحة الأخيرة من هذه المؤامرة، حيث اجتمع القوم على عجل، وأقصوا الوصي المنصوص، وتناسوا بيعة الغدير، وعقدوا البيعة لأبي بكر، دون حضور الإمام علي (عليه السلام)، ولا باقي أهل بيت النبوة، بل تمّت العملية في ظل غياب النبي عن الدنيا، وانشغال آل بيته بتجهيزه ودفنه.
إن المؤامرة الثلاثية كانت محكمة التنسيق: محاولة قتل القائد في العقبة، ثم تحييد خليفته المحتمل عبر الصحيفة، وأخيرًا انتزاع السلطة عبر السقيفة. وما بين كل خطوة وأخرى، كانت حلقات الانقلاب تتكامل، ليبدأ عهد جديد ليس فيه لوصيّ النبي مكان، إلا الصبر والسكوت لحفظ الدين من الزوال.
أما الفارق الزمني بين هذه الأحداث، فقد كان كافيًا لإعداد المسرح السياسي، وترويض العقول على قبول الغدر، وتهميش أهل الحق، وجعل الخلافة لعبة أهواء ومناصب، بدل أن تكون عهدًا ربانيًا وامتدادًا للنبوة.
فليُسأل التاريخ: كيف اجتمعت إرادة القتل في العقبة، والعهد السياسي في الصحيفة، والانقلاب العملي في السقيفة، في أشخاص بعينهم؟ أليست هذه أوضح دلالة على أن المسألة ليست اجتهادًا كما يزعمون، بل تآمرًا واعيًا ومدروسًا؟
كيف مهّدت المؤامرة لحكومات الظلم
لم تكن المؤامرات التي استهدفت النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله) وآل بيته (عليهم السلام) مجرّد حوادث منفصلة في مسار الدعوة الإسلامية، بل كانت مفاصلَ خطيرةً غيّرت وجه الأمة، وحرفت بوصلة الخلافة من ولاية إلهية إلى سلطة بشرية، تُوزّع بالمؤامرات، وتُنتزع بالقوة، وتُحكم بالدم والحديد. فحادثة العقبة، والوثيقة المدفونة في جوف الكعبة، والسقيفة، لم تقف آثارها عند زمن النبي (صلى الله عليه وآله)، بل امتدّت لتُنتج سلاسل من الحُكم الجائر، والدول الظالمة التي استباحت الحرمات، وطمست نور الرسالة.
لقد شكّلت السقيفة لحظة تأسيس غير شرعي لنظام الحكم، دون الرجوع إلى النص الإلهي، ولا اعتبار لوصية النبي (صلى الله عليه وآله) في الغدير. وحين أُقصي أمير المؤمنين (عليه السلام)، بدأ عهدٌ جديد من الحكم القائم على الشورى الصورية والقبضة الحديدية، فكانت النتيجة أن تحوّلت الخلافة إلى تركةٍ يتقاسمها الطامعون، وتُسلم من رجل إلى آخر بلا بيعة حقيقية ولا نصٍ شرعي.
وكان أول أثر لهذه المؤامرة هو تغييب أمير المؤمنين علي (عليه السلام) عن ساحة القرار السياسي، رغم كونه القائد الإلهي المنصوص عليه، والذي قال فيه رسول الله (صلى الله عليه وآله): «علي مع الحق، والحق مع علي»، لكنه غصب حقه، وظلمت حليلته الزهراء (عليها السلام) حتى قالت: «صبّت عليّ مصائب لو أنها صبّت على الأيام صرن لياليا».
إن تغييب الإمام علي (عليه السلام) عن موضعه هو تغييبٌ للقرآن الناطق، وهو ما أدى إلى تراجع الأمة عن مقامها، وتسليمها لحكومات طاغوتية، دكّت العدل، ورفعت شعار السيف بدل العلم، وأباحت مال الأمة وكرامتها، حتى بات بعضهم يقول: “إنما الخلافة بالسيف لا بالنص”.
ومن أعظم الآثار أن الأمة افترقت إلى فرق ومذاهب، وكلّ حزب بما لديهم فرحون، بعدما أضاعوا العروة الوثقى، وتفرّقوا بعد أن كانوا أمة واحدة تحت راية الوحي. وصدق الله إذ يقول: ﴿وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا﴾ [آل عمران: 103]، فتركوا حبل الله الممدود، وهو علي بن أبي طالب (عليه السلام)، فوقعوا في شراك الطغيان.
بل إن أسوأ ما خلّفته المؤامرة هو تزييف الحقائق، وتبديل الموازين، حيث أصبح الناكث والمارق هو الصحابي العادل، وأصبح المظلوم الصابر متَّهَمًا بالمروق والخروج. وتمّ تغييب فضائل أهل البيت (عليهم السلام)، وتقديس أعدائهم، حتى باتت بعض الأقلام تكتب التاريخ وكأن الإمام علي (عليه السلام) كان طرفًا مهمَّشًا، لا قائداً منصوصًا ولا بابًا للمدينة.
إن السقيفة لم تكن مجرد حدث سياسي، بل كانت بداية عهد جديد من الظلم، وأسست لانحدار حضاري وروحي في جسد الأمة، وفتحت الباب أمام الطغيان الأموي، ثم العباسي، ثم أنظمة الاستبداد المتعاقبة، التي لم تعرف من الخلافة إلا الاسم، ولا من الإسلام إلا القشور.
ما بين غزوة تبوك وسقيفة بني ساعدة، سُطّرت أخطر فصول الانحراف في مسيرة الأمة الإسلامية، وكانت المؤامرة التي حيكت في الظل ضد رسول الله (صلى الله عليه وآله) وأهل بيته الطاهرين (عليهم السلام) تمثّل انقلابًا على الرسالة، وقطعًا للامتداد الإلهي في قيادة الأمة. وما العقبة، ولا الصحيفة، ولا السقيفة، إلا تعبيرات مختلفة عن مشروعٍ واحدٍ خبيثٍ أراد أن يُطفئ نور الله، ويقطع العروة الوثقى، ويُبعد الخلافة عن أهلها.
إنّ التأمل في هذه الأحداث ليس لإثارة الخصومة، ولا لإعادة الجراح، بل لفهم ما جرى على بصيرة، حتى لا يُعاد التاريخ في صورٍ جديدة، بأدوات مختلفة. وقد قال الله تعالى: ﴿قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِكُمْ سُنَنٌ فَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانظُرُوا﴾ [آل عمران: 137]، فتأمل التاريخ فريضة على كل من يريد أن يفهم دينه، ويعرف وليّه، ويُميّز الحق من الباطل.
لقد أراد الله تعالى لهذه الأمة أن تسير تحت راية الوصيّ المعصوم، فجاءت النصوص ناطقة: «من كنت مولاه، فهذا عليٌّ مولاه»، وجاءت البيعة في الغدير واضحة، والبلاغ في يوم الخميس حاسمًا، لكن القوم أبوا إلا أن ينكصوا، وقالوا: “حسبنا كتاب الله”، وهم يعلمون أن الكتاب لا يُفسَّر إلا بلسان علي، ولا يُطبَّق إلا بسيفه وعدله.
ومن يومها، بدأت رحلة الظلامة، وتحوّلت الخلافة إلى سلطنة، والحق إلى وجهة نظر، وارتفعت رايات القبائل والدماء على راية الإسلام، حتى صار بعضهم يقول: “من غلب فهو الخليفة”، وتُرك نهج محمد وآل محمد (صلى الله عليه وآله) بين دفّتي الحنين.
إنّ الوقوف على تلك المؤامرات يكشف لنا حقيقة المعركة: ليست بين علي وأبي بكر، ولا بين سقيفة وغدير، بل بين مشروع إلهي يُراد له أن يقود الأمة نحو العدل، ومشروع دنيوي يُراد له أن يُحكم باسم الدين، والدين منه براء.
وما أحوجنا اليوم إلى أن نستعيد وعي الأمة برسالة الغدير، ونُحيي في القلوب نداء: «عليٌّ ولي الله»، ونُعلم أبناءنا أن الخلافة عهد، لا فلتة، وأن الإمامة نص، لا سياسة، وأن المظلومية التي بدأت بغصب الخلافة، ما زالت تتكرّر كلما أُقصي أهل الحق، وتصدّر أهل الباطل.